ويضع أبو حيان
التوحيدي شروطاً للخط الجميل فيقول
والكاتب يحتاج إلى سبعة معان : الخط المجرد بالتحقيق ، والمحلى
بالتحديق ، والمجمل بالتحويق ، والمزين بالتخريق ، والمحسن بالتشقيق ،
والمجاد بالتدقيق ، والمميز بالتفريق
أما المجرد بالتحقيق فإبانة الحروف كلها ، منثورها ومنظومها ، مفصلها
وموصولها ، بمداتها وقصراتها ، وتفريجاتها وتعويجاتها ، حتى نراها
كأنها تبتسم من ثغور مفلجة ، أوتضحك عن رياض مدبج
وأما المراد بالتحديق فإقامة الحاء والخاء والجيم وما أشبهها على تبييض
أوساطها ، محفوظة عليها من تحتها وفوقها وأطرافها ، أكانت مخلوطة
بغيرها أوبارزة عنها حتى تكون كالأحداق المفتحة.
وأما المراد بالتحويق فإدارة الواوات والفاءات والقافات وما أشبهها
مصدرة وموسطة ومذنبة يكسبها حلاوة ويزيدها طلاوة
أما المراد بالتخريق فتفتيح وجوه ، الهاء والعين والغين وما أشبهها ،
كيفما وقعت أفراداً وأزواجاً ، بما يدل الحس الضعيف على اتضاحها
وانفتاحها
أما المراد بالتعريق فإبراز ، النون والياء وما أشبهها ، مما يقع في
إعجاز الكلمة مثل ،عن ، وفي ، ومتى ، وإلى ، وعلى ، بما يكون كالمنسوج
على منوال واحد
أما المراد بالتشقيق ، فتكنف الصاد والضاد والكاف والطاء والظاء ، وما
أشبه ذلك مما يحفظ عليها التناسب والتساوي . فإن الشكل بهما يصح ومعهما
يحلو ، والخط في الجملة كما قيل : هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية
أما المراد بالتنسيق ، فتعميم الحروف كلها ، مفصولها وموصولها بالتصفية
، وحياطتها من التفاوت في التأدية ، ونفض العناية عليها بالتسوية
أما المراد بالتوفيق ، فحفظ الاستقامة في السطور من أوائلها وأواسطها
وأواخرها وأسافلها وأعاليها بما يفيدها وفاقا لا خلافاً.
أما المراد بالتدقيق ، فتحديد أذناب الحروف بإرسال اليد ، واعتمال سن
القلم ، وإدارته مرة بصدره ، ومرة بسنيه ، ومرة بالإتكاء ، ومرة
بالإرتخاء ، بما يضيف إليهما بهجة ونوراً ورونقاً وشذوراً
أما المراد بالتفريق ، فحفظ الحروف مزاحمة بعضها لبعض ، وملامسة أول
منها الآخر يكون كل حرف منها مفارقاً لصاحبها بالبدن ، جامعاً بالشكل
الأحسن
ويختم أبو حيان شروط الخط الجميل ، بشرط أشاسي جامع فيقول : فهذه جملة
كافية متى كان طبع الكاتب مؤاتياً، وفعله مواطئاً ، وقريحته عذبة ،
وطينته وطئة
|